القراءة

الاقتباسات

من أكثر الأشياء التي لا تعجبني مع محاولاتي المتكررة لتقبلها هي الاقتباسات. خاصة عندما تكون قارئا فيعتبر الإقتباس من الطقوس المقدسة أثناء القراءة. ولو بحثت قليلا فستجد الإقتباسات مقرونة بفعل القراءة الحديث، وتكمن درجة الإعجاب بكتاب ما بمقدار الاقتباسات التي تتمكن من اقتناصها أثناء القراءة.

الاقتباس هو عبارة جميلة وردت في الكتاب، سواء كوصف لشيء أو على لسان أحد الشخصيات، وهي أحيانا كثيرة تعبر عما نود قوله. مع كثرة القراءة تكثر الاقتباسات، تكثر تلك العبارات التي نود أن نفضلها في حياتنا وتكون أمام أعيننا حين نريد، لكني للأمانة أراها بلا معنى ولا فائدة ولا قيمة.

قد تكون العبارات التي على شكل نصائح مالية أو حياتية مباشرة ومفيدة هي التي تستحق الذكر، أما الآخرى العائمة المائعة والتي لا تضيف أي قيمة أدبية

من الاقتباسات التي أحتفظ بها في هاتفي، من رواية السحر

قال له جاك: أنت على الرحب والسعة، وإن شئت تستطيع البقاء هنا لفترة، وإنه ليروق لي وجود جرذ في البيت يجول هنا وهناك فهو يضفي بهجة على المكان ويؤنسني في وحشتي. أتفهم قصدي

اقتباس آخر وجدته حين كنت أبحث عن قيمة للورد الذي أظنه نوعا من التبذير لمن يقتنيه، أموال تذبل حسب مصطلحي، ثم وقعت عيني على هذا الحوار في رواية تعويبة الظل للعماني سعيد سلطان الهاشمي يقول في جزء منه

لماذا يا أمي وحده الورد جدير بذلك؟

لأن الورد يعطي بلا مقابل، لأن عطره يسافر للفقير والغني، للصغير والكبير، للنساء والرجال. لا يميز أحداً، ولا يبخل بالسعادة والفرح على أحد. هل رأيت وردة تضن بعطرها على فقير أو محتاج وتمنحه لغني أو لسلطان؟

الاقتباس الثالث من رواية ظل الريح، وهو عن الأطفال

كنت أراقب النساء اللاتي يصغرنني سنا، في الحافلات والطرقات، يمسكن بأيادي أطفالهن. وكان يبدو أنهن سعيدات أو راضيات على الأقل، كأن أولادهن يضيفون المعنى إلى حياتهنّ. وأنا أيضاً كنت أسرح بخيالي أحياناً لأراني أحمل طفلاً على ذراعي، طفلاً كنت سأنجبه من خوليان. ثم أتذكر الحروب وأخلص إلى أن من خاضها كان طفلاً في يوم من الأيام.

تقريبا هذا مالدي من اقتباسات على كثرة ما أقرأ.

حالياً ومع انتشار وسائل التواصل الإجتماعي تجد كل من أمسك كتابا يصور كل ما يقرأ، يلوّن كل ما يقرأ، ويكتب كل ما يقرأ. كلما قلّت الاقتباسات كلما كان أفضل، القراءة أعتبره فعل تراكمي من الكلمات والأفكار والتي تترسب شيئا فشيئا وتكوّن جزء من شخصياتنا وطريقة تفكيرنا ونظرتنا للحياة، أما العبارات بحد ذاتها فلا معنى كبير يرجى منها إذا انتزعت دائماً من سياقها. أستطيع تشبيه الاقتباسات بمقاطع الفيديو التي تنتشر على اليوتيوب، فمشاهدتك لمقطع عن مهارات لاعب ما لا يعني أنك تعرف ما هي كرة القدم أو تستوعب قيمة هذا اللاعب، هو مجرد ملخص منزوع عن السياق الذي كان فيه، وكثرة مشاهدة مثل هذه الملخصات يبعث على الملل مع مافيه من أمور جميلة.

التصنيفات :القراءة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.