من خلال زياراتي للمكتبات التجارية هنا في دولة الامارات، تأتيني بعض الأفكار والإقتراحات والتي قد تساهم في زيادة جذب الناس للكتب والمكتبات.
كل الأفكار تتلخص حول جعل المكان ينبض بالحياة.
المكتبة يجب أن تكون تماماً كالقارئ. يتابع جديد الإصدارات، ملم بدور النشر والمؤلفين والكتب، يعرف ما يجري في عالم الكتب ويتحدث مع من حوله حول ما يحب.
أول فكرة لابد من تطبيقها، ثم تليها الأفكار لاحقاً، هي أن يتم تجديد العناوين باستمرار، بالإضافة للمحافظة على نظافة الكتب واضاءة المكان. كم يسوؤني جداً أن أدخل مكتبة بعد انقطاع عدة أشهر ثم أجدها كما تركتها، لم تتغير الكتب ووضعياتها، بل زادت كمية الغبار عليها.
المكتبة غير المتجددة كالماء الآسن.
الفكرة الثانية قسم خاص بالإصدارات الجديدة، ويتم تحديثه أسبوعياً إن أمكن. أن تعرف أن هناك جديداً في عالم الكتب وأن تعلم أن المكتبة مهتمة بتزويدك بالجديد من العناوين هو دافع لك أن تعتمد هذا المكان كأحد أماكن الترفيه الثقافية. قسم الإصدارات الجديدة يجب يحتوي على الإصدارات الجديدة فعلاً، مثلا إصدارات العام الحالي أو آخر شهرين، لا كما يحدث في مكتبة بوردرز حيث يوضع على الطاولة أكثر من ٣٠ عنوان كلها إصدارات حديثة لكن حين تمر عيني عليها لا أجدها كذلك.
الفكرة الثالثة، قسم خاص للأكثر مبيعاً، ويتم تجديده باستمرار كالفكرة السابقة. يوجد قسم الأكثر مبيعاً في مكتبة جرير في أبوظبي، وفي اعتقادي أن الكتب فيه لم تُمس منذ عام.
الفكرة الرابعة، التفاعل مع الأحداث المتعلقة بالكتب، أبسط مثال توفير روايات القائمة القصيرة حين إعلانها وليس بعد اعلان الفائز، نشر الكتب الفائزة بجائزة زايد للكتاب، نشر كتب الفائز بجائزة نوبل للأدب، نشر كتب في ذكرى رحيل أحد الكتاب أو الأدباء، وغيرها. توجد فكرة جميلة في مكتبة المجرودي وهي كتاب الشهر، لا أعلم أسباب اختيار العناوين لكنها مبادرة جيدة تجعل القارئ يشعر بأن المكتبة تفكر.
الفكرة الخامسة، أن يكون من يعمل في المكتبة قارئاً مُلماً بالكتب وما فيها ولا تكون توصياته تجارية بحتة من أجل المبيعات. مررت مرة بأحد المكتبات، وكانت مزدحمة بالعناوين، وبدل البحث عما أُريد قررت سؤال القائم عن المكتبة عن العناوين المتوفرة لهذا الكاتب. سألته؛ أين أجد عندكم إصدارات توفيق الحكيم؟ فأجابني؛ مين هو توفيق الحكيم؟ خرجت من عنده ولم أُكمل الحوار.
الفكرة الخامسة، أن توفر المكتبة وسيلة للكاتب ليبحث عن الكتب بنفسه، سواء من خلال سهولة ووضوح ترتيب العناوين أو توفير أجهزة يبحث من خلالها القارئ بنفسه عما يُريد.
الفكرة السادسة، إقامة حفلات توقيع الكتب والندوات الثقافية والورش وغيرها من المساهمات التي تدور حول الكتب والكتابة وفعل القراءة.
الفكرة السابعة، توفير خدمة البيع أونلاين، كثيرون يودون زيارة المكتبة لكن ظروفهم لا تسمح لهم بزيارتها، والشراء الألكتروني أصبح متوفراً حتى للوجبات الساخنة، الكتب باعتقادي أولى.
أتمنى أيضاً من الجهات المعنية أن لا تُعامل المكتبات بنفس طريقة تعاملهم مع المحلات التجارية، برفع الايجارات والرسوم وغيرها. صحيح المكتبات لتبقى لابد أن تهدف للربح، لكنها في نفس الوقت توفر مادة ثقافية تساهم في زيادة الوعي للمجتمع بطريقة أو بأخرى. من الأخبار المؤسفة في هذا سياق كان إغلاق مكتبة المجرودي منذ سنوات في دبي فيستيفال سيتي، مع أنها كانت من المكتبات المفضلة سواء بحجمها أو ما توفره من عناوين وخدمات للقارئ.
النموذج المحلي الذي تنطبق عليه هذه المواصفات بطريقة أو بأخرى هي مكتبة دبي مول كينوكونيا. دائما ما تجد فيها قسماً للإصدارات الجديدة ويُحدّث باستمرار، دائماً لو كان هناك فائز بجائزة أو حدث مميز كشهر رمضان أو وفاة كاتب ما تجد قسم لذلك. أحياناً تجد عبارة صغيرة تحت أحد العناوين بمناسبة إصدار فيلم مقتبس من تلك الرواية، وأحياناً يستضيفون أحد الكتاب للتوقيع على إصداراته.
التصنيفات :بعيداً عن القراءة
أحببت فكرة المكتبة تفكر، وضحكت من مغادرتك المكتبة عندما قال لك: مين توفيق الحكيم؟ هههههه، وأعجبتني فكرة إتاحة البحث للزائرة عوضاً عن تسلحف بعض العاملين هناك وضجرهم القردي، أما كينوكونيا فهي عالم ألبث فيه ساعات سريعة وثقيلة على الجيب وغالب الوقت أمضي وأبتسم، أخيراً على ذكر كينوكونيا تذكرت في آخر مرة رفاً موسوما ب”كتب مثيرة للجدل!” كأنه مانشيت صارخ في صحيفة صفراء.
كينوكونيا لديهم مبادرات لطيفة طوال العام