كتاب صغير لكنه قيّم يقع في ١٦٠ صفحة. يحوي اعترافات ليف تولستوي في رحلة بحثه عن الإيمان. يتحدث تولستوي في ستة عشر فصلا عن شكوكه في وجود المعنى من الحياة، ويتنقل في بحثه عن هذا المعنى بين العلم والفلسفة والدين (المسيحية الأرثوذكسية). فلا يجد في العلم أو الفلسفة ما يساعده على فهم الحياة ومعناها.
ولكن الجواب الوحيد الذي قدمه العلم في تفسير معنى حياتي كان كما يأتي: «أنت، كما تسمي «حياتك»، اتحاد مؤقت من الذرات المختلفة. والحركة المشتركة بين هذه الذرات، بعضها مع بعض، قد أوجدت ما تسميه «حياتك». وهذا التجمع بين الذرات، المتألف منها جسدك، تظل له حرکته زمنا محدودا تهدأ حركة هذه الذرات بعده، فتنتهي بهدوئها هذه القوة التي تسميها «حياتك»، وبانتهائها، يُقضى على جميع هذه المسائل التي تشغل فكرك اليوم. أنت كتلة متجمعة أجزاؤها المجهولة بعضها مع بعض بطريق الصدفة. وهذه الكتلة تتجدد أجزاؤها من حين إلى حين. وهذا التجدد يطلق عليه الناس اسم الحياة. ولكن هذه الكتلة لا تلبث أن تتلاشی، فیبطل تجددها، وتزول معه كل المسائل والشكوك». هذا هو الجواب الذي حصلت عليه من الجهة الدقيقة للمعرفة البشرية الوضعية.
فيستنتج أن الحياة بلا معنى ويشجعه هذا على التفكير في الانتحار. ثم يبحث عن حقيقة الحياة بين الناس البسطاء وبين جدران وممارسات الكنيسة، ويتوصل إلى أن الإيمان هو ما يقود الإنسان لمعرفة معنى الحياة وليس العقل.
الكتاب في مجمله شبيه برحلة مصطفى محمود من الشك إلى اليقين، أو الغزالي في المنقذ من الضلال. وأرى أن قراءته تناسب من يتعرض لنفس الشكوك أو من يبحث عن الإيمان. أما الشخص الطبيعي فسيستغرب من كمية البديهيات التي يعرضها تولستوي للنقاش سواء المتعلقة بالحياة والموت أو الإيمان والمعنى.

التصنيفات :القراءة