ناديت عليه بأعلى صوتي لكنه لم يلتفت. لم تبدر منه هنّه، أو انتباهه.
صرخت باسمه!
لستُ موجوداً.
بدأت القصة منذ أربعة مواقف، أو أنها انتهت بأربعة مواقف
في الأول سارع للهروب، لم يكتشفني.
في الثاني مر بجانبي، لم يرني.
في الثالث أغلق الباب ولم ينتظرني.
في الرابع، تبعثرت نظرته حولي ولم يجدني.
كأن وجودي شفاف كزجاج محل جزار في صباح باكر
كأن كياني نسمة لا وجود لها.
لم يلتفت إلي
لم يُلقِ السلام علي
لم يتكرم بنظرته نحوي
لست محسوباً عنده في عداد الأحياء
مت منذ زمن.
اختفيت من الذاكرة فكأنني لم أكن،
حسبت أنني على ما يرام
لكنني لم أكن كذلك
حاولت التناسي، لكن القصة أعمق من ذلك بكثير.
هناك في مكان ما في أعماق الإنسان، كومة من المشاعر تأذت
ولم أكن أتوقع أنني سأؤذيها في يومٍ ما.
لست في موقف يسمح لي بذلك
تجاهلت كل تلك المشاعر بابتسامة
لكنها برزت على وجهي كخيبة
تكالبت علي الأفكار في كل وقت، لكن لم أجد ما يدفعها عني
سمحت لها بالتهامي
وحين انتهت
انتهيت
ثم تبقت ذرة واحدة مني على ما يرام
جاءت ريح ذرتها مع ما تبقى مني من غبار
وحين توارت تلك الذرة بعيداً علمت أنني كنت أحلم
كنت أتخيل
كنت أرسم خيالات في ذهني لم يكن لها وجود
وأنه لم يكن
لم يمشِ على نفس الأرض التي أمشي عليها
لم تعرفه الشمس التي دائمًا ما أتحاشى ظلها
حتى عند الجزار
لم يكن هو من ينظر
لم أكن ألوح له
بل كان ذلك انعكاسي
كنتُ أنا
لكنني لم أعرف نفسي إلا حين التهمتني الأفكار ولم يتبق مني سوى،
ذرة
التصنيفات :بعيداً عن القراءة