قصة

عن القلم الذي انكسر

انكسر القلم في يده وهو يحاول ان يكتب اسمه على الاستمارة،  أخذ يتأمل البيانات التي كتبها إلى الآن، يبدو راضياً عما تم انجازه. تشير الساعة إلى الرابعة والنصف عصراً وعليه أن يستقل حافلة الخامسة ليتمكن من العودة إلى المنزل، ولكن حتى ذلك الحين عليه أن يجد حلاً للقلم المكسور بين يديه. من حسن حظه أنه يحتفظ بقلم آخر احتياطي في جيبه، فكر أنه كان من الأولى أن يبتدئ الكتابة بقلمه ولا يستخدم القلم الخاص بالمؤسسة، في الغالب تكون تلك الأقلام رديئة وقد تردت حالتها من كثرة الاستعمال. وضع القلم المكسور في جيبه وأخرج قلمه،  كتب اسمه، وذيل الورقة بتوقيعه وتاريخ اليوم، لاحظ وجود اختلاف في لون الحبر، لكنه مجرد اختلاف لن يكون عائقاً لقبول الطلب، هكذا أقنع نفسه. 

سلم الطلب إلى موظفة الاستقبال وودعها بابتسامة، لم يستفسر عن الإجراء التالي، بل هرول مسرعاً خارج المؤسسة يريد اللحاق بالحافلة، تحسس جيبه وتأكد من أن القلم المكسور لا يزال معه، سيعرضه على يزن كدليل على تغيره. لم يعد يتشاءم من أي شيء “أصبحتُ واقعياً، لا أحكم إلا من خلال الحقائق

حين انكسر القلم، ترددت، تبادر إلى ذهني أن انكسار القلم إشارة لأتراجع عن تقديم الطلب، لكنني فكرت، هو مجرد قلم، ولو انكسر سأكتب بقلم آخر

اقترب كثيراً من محطة الحافلات، من حسن حظه أن المحطة قريبة من المؤسسة، ها هي الحافلة رقم عشرة المتوجهة إلى وسط المدينة لا تزال هناك. تنظر الركاب لتنطلق بعد عدة دقائق

“قرار الهجرة لا رجعة فيه، سيحزن أبي قليلاً، وقد تغضب مني أمي، لكنهم بعد عدة أشهر سيعرفون أنني كنتُ على صواب”

“لا أحد يحب التغيير، حتى أنا، لكنني أستطيع القول أنني أملك من الوعي اليوم ما يمكنني من رؤية مصيري بعد أعوام إن استمر بقائي هنا، وأعلم أن مصلحتي في الرحيل”

“لن يتغير أي شيء يا يزن، سيبقى الحال على ما هو عليه، وحتى لو تمكنت من ايجاد عمل، فلن أتمكن من إعالة من حولي”

“سأنتظر قرار اللجنة، لا يزال أمامي أسبوع من الانتظار، لن أستعجل النتائج، لدي يقين كامل أن القرار المتخذ هو الأصلح لي، هو الأفضل”

سيستغرب يزن من لهجة الثقة هذه، بل سيسأل عن سبب هذا التغيير الكبير ، بل لن يُصدق أنني أنا نفس الشخص الذي جلس معه قبل شهر من اليوم والذي اشتكى له من أن قطة سوداء كانت تحوم حول منزلنا وأنني أشعر أنها تراقبني وأن لها يداً في سوء الحظ الذي يلاُزمني مؤخراً.

بدأت الحافلة بالتحرك بطيئة، لا يوجد الكثير من الركاب، يبدو أن حظر التجول الذي على وشك البدء قد أثر في نشاط الناس في هذا المكان. 

كل شيء سيكون على ما يُرام” أغمضت عيني وأخذت أطمئن نفسي “ كل شيء سيكون على ما يُرام”.

التصنيفات :قصة

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.