قصة

كابتشينو

اليوم هو الحادي عشر ولا يزال كوب الكابتشينو على الطاولة أتردد فيما يجب علي فعله به.

في اليوم الأول على قرار التوقف عن احتساء الكابتشينو كان الحماس يملؤني واعتبرت المهمة سهلة فكوب كابتشينو لا يمثل أي شيء ذا أهمية في حياتي، بل الأهم هي المبادئ والقيم والأخلاق، ولو كان احتساءي لكوب القهوة سيمثل ازعاجاً لجاري العزيز فإنني أفضل أن أتخلى عنه تضامناً مع الجار، أخذت الكوب من على الطاولة ورميته بكل سهولة في سلة المهملات.

في اليوم الثاني ظهر الكوب مرة أخرى على الطاولة وفي نفس المكان، لم أتفاجأ، فهذه هي الطريقة التي نحصل فيها على قهوتنا اليومية، تظهر كل يوم في نفس المكان في نفس التوقيت من تلقاء نفسها، ولك الخيار لاحتساءها من عدمه. لكنني حين رأيت الكوب هناك خالجني شك في حقيقة قراري ومدى جديته، تمالكت نفسي وتذكرت جاري العزيز، وقررت أن أرمي الكوب في سلة المهملات مرة أخرى.

في اليوم الثالث ظهر الكوب، لم أنظر نحوه هذه المرة كما فعلت بالأمس، لكنني بدأت أشعر أن أعراض انسحاب الكابتشينو بدأت تظهر في تصرفاتي وأنني أصبحت أفكر فيه كل الوقت ورغم ذلك تحاملت على نفسي ورميته في سلة المهملات. في اليوم الرابع رميت الكوب كذلك، لكنني حين خلدت إلى النوم تمحورت أحلامي حول الكابتشينو، بينما في اليوم الخامس أخذت أشكك في قراري في مؤازرة جاري ومدى استفادتي الشخصية من هذا القرار خاصة أنه لا يعود علي بأي نفع مادي.

في اليوم السادس والسابع والثامن، كنت أسارع إلى رمي الكوب بعنف في سلة المهملات، أخذت أهذي وأنا أبحث عن مخرج للأزمة التي أوقعت نفسي فيها. في اليوم التاسع وحين أمسكت بالكوب لأرميه كنت على وشك التراجع وعلى إعادته إلى مكانه، تذكرت مذاق القهوة في فمي، لكنني تذكرت جاري مرة أخرى ومدى الضيق الذي سيظهر عليه حين يعرف أنني أشرب الكابتشينو، رميت الكوب والتزمت بقراري.

في اليوم العاشر جلست مع نفسي، وبدأت أطرح عليها أسئلة الحياة الرئيسية، من أين جئت ولماذا أفعل ما أفعل وما الحكمة من قراراتي، ما هو العائد من كل قرار ومن كل خطوة أخطوها في حياتي، ومن ثم رميت الكوب في سلة المهملات.

أما اليوم وهو الحادي عشر، فها أنا أقف حائراً أمام كوب الكابتشينو، أتردد، لا أدري تحديداً ما هو الصواب وما هو الخطأ فيما أفعل. أخذت أتطلع إليه، اكتشفت أنني لم أحتضن الكوب بيدي منذ أحد عشر يوماً، في كل يوم أحمله بيد واحدة وأرميه في سلة المهملات. أظن أنه أصبح بارداً جداً، ولن يكون طعمه مستساغا. ما الذي تغير في حياتي منذ بدأت التوقف عن الكابتشينو؟ لم يتغير شي. لم ينقص من حياتي شيء، وفي المقابل لم تكن هناك أي إضافة حقيقية، كل ما هنالك أنني التزمت ببعض المبادئ من أجل جاري.

التصنيفات :قصة

إجابة واحدة »

  1. القهوة مزاج و إدمان طبعاً

    لمن يعشق القهوة هذه قصة رعب

اترك رداً على Sadeem سديـم إلغاء الرد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.