من الأمور المزعجة مؤخراً هو عدم قدرتي على القراءة، لا أملك الكثير من الطاقة لأمضي في قراءة أي كتاب، حاولت مع عدة عناوين وعدة مواضيع بلا جدوى. الصفحات الأولى سهلة، لكن بعد وقت يسير يتبادر إلى ذهني الكاتب الذي لم يكن يملك الكثير ليفعله في الحياة سوى أن يمسك القلم ويخط أفكاره أو قصته أو تاريخ ما قرر أن يحييه في نفوس الآخرين سواء كان هذا الإحياء بجدوى أو بلا جدوى. ثم يتبادر إلى ذهني كمية الصدق أو الكذب التي قد تملأ جنبات هذا الكتاب والذي لا يوجد ما يمنع المؤلف من قول أي شيء مهما كان بعيدا عن الحقيقة فقط ليمنح نفسه واسمه انتشارا بين الناس. الكثير من الأفكار المزعجة في هذا السياق تؤدي كلها إلى هجر القراءة بطريقة أو بأخرى. تماماً كمن يذهب إلى السينما وهو يملك قدراً كبيراً من الواقعية فينقد الممثلين لأنه يمثلون ويكذبون وينقد الإخراج لأنه يزور الحقائق بطريقة جميلة فلا يتأثر بالفيلم بل ويخرج بدون أن يكمله أو يعرف ما انتهى إليه.
ثم يأتي موعد معرض الكتاب في أبوظبي، وأنا بعيد عن القراءة لكنني أقرر أن أتحدى نفسي وأذهب وأقتني ما أستطيع من عناوين والتي قد تمنح قراءتي حياة جديدة بدل الإحتضار الحاصل الآن. وحين تذهب إلى المعرض لابد أن تكون لديك قائمة بالكتب التي تود اقتناءها والإطلاع عليها، وهنا يكمن السر في حب القراءة من عدمها، من المصادر التي تستقي منها قائمتك للكتب. وبعد تحليل سريع وجدت أن ما أقتنيه من كتب يأتي في الغالب من ثلاث مصادر.
أما المصدر الأول، فهو انتشار الكتاب وسمعته والتي تجعل الفضول يدفعك لتتطلع عليه، فعلى سبيل المثال كتاب فن اللامبالاة والتي اشتهر مع صورة محمد صلاح دفع الكثيرين حتى ممن لا يقرأ للبحث عن الكتاب.
المصدر الثاني، وفي نظري قد يكون الأفضل أو الأسوأ في نفس الوقت، هو نصيحة الآخرين. قد تقرأ لكاتب ما في كتاب ما تأثره بالعنوان الفلاني، وأنت تعرف هذا الشخص فتقتني الكتاب بلا تمحيص. قد تتابع شخص في وسيلة من ووسائل التواصل الإجتماعي ويمدح مجموعة من الكتب لأسباب مختلفة فتسارع لإقتنائها. حتى نصيحة الأصدقاء للكتب لا تصيب غالبا، فقد يعجبهم ما لا يعجبك وبهذه الطريقة تنتهي بالكثير من الكتب التي لا تستهويك ولا تجذب انتباهك وتشغل حيزا من المكان فقط لأن شخصا ما تحدث عنها.
بهذه الطريقة اقتنيت كتبا لأحلام مستغامني وقماشة العليان وأنا وذائقتي بعيدون كل البعد عن هذا النوع من الكتب. لكنني في المقابل تعرفت على كتب رائعة بهذه الطريقة.
المصدر الثالث هو أنت وفضولك، فحين تقرأ كتابا ما وتقع عينك على معلومة أو شخصية أو حدث تاريخي وتود الاستزادة في هذا الموضوع، يدفعك الفضول لتبحث عن عناوين في هذا المجال. وهذا في نظري أفضل المصادر لكن تكمن مشكلته في تأخير القراءة لهذه الكتب ومرور سنة أو سنتين فيخبو الفضول وتبتعد نفسك عن هذه المواضيع ويتراكم الغبار عليها ويجعلك منظر هذه الكتب تبتعد عن فعل القراءة ولو قليلا.
التصنيفات :بعيداً عن القراءة, دليل القارئ